الشفافية من شروط إعادة إعمار ليبيا
خالد المهير - الجزيرة نت
مع اقتراب إعلان تحرير ليبيا بالكامل, يعول خبراء الإدارة والمال على ضرورة تعزيز مبادئ الشفافية والإفصاح والمحاسبة في مرحلة إعادة إعمار ليبيا التي قدر رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل مؤخرا كلفتها بنحو خمسمائة مليار دولار.
ورفض المستشار في شؤون الإدارة عبد القادر التائب رقابة الدولة المستقبلية على الحكومة الجديدة، مؤكدا أن رقابة الشفافية من مهام مؤسسات المجتمع المدني.
الشفافية أولا
وقال التائب للجزيرة نت إن الشفافية لها ارتباط وثيق بالقضاء وبمحاربة الفساد، وتشمل متابعة العقود الموقعة في مختلف المجالات، وتعتمد أساسا على تداول المعلومات التي هي من حق أي مواطن. ودعا التائب المجلس الوطني الانتقالي إلى إيجاد وزارة للمعلومات, وإلغاء وزارة الإعلام.
عبد الرزاق العاقل
من جهته, يرى المحلل الاقتصادي والمالي عبد الرزاق العاقل أن الشفافية أحد عناصر محاربة الفساد المُعتمد على الحوكمة السليمة لاستعادة الثقة فى الدولة الليبية الجديدة، وذلك عبر جهاز كفؤ لمراقبة الشفافية تُحدد مدة عمله.
وقال للجزيرة نت إن تجاهل هذا الأمر سيوجد الفساد الذى سيكون ضحيته المواطن العادي، مضيفا أنه يمكن إعداد قوانين صارمة. وحذر العاقل من أن البلاد ستغرق في الفساد ما لم تكن هناك مراقبة شفافة, ومهنية عالية لكشف المعلومات, ومراقبة العقود, والصفقات العمومية, والإحصائيات بشأن تحرك الحكومة والبرلمان (المقبلين).
أما الصحفي المتخصص في المال والأعمال طارق الهوني فيعتبر من جهته أن البيروقراطية وغياب الشفافية أكبر داءين يصيبان الحياة الاقتصادية في مقتل، ويساعدان في جلب الأموال القذرة, وتنفير الاستثمارات النظيفة.
قطع مع الماضي
ويشترط الهوني الوضوح في التعامل والإدارة خلال إعادة الإعمار بما يقطع مع الصدع الذي أحدثه النظام السابق الذي كانت المشاريع والعطاءت في عهده مادة للتندر، حسب تعبيره.
وشدد الهوني بدوره على أن الشفافية شرط رئيس للإعمار والتنمية والإصلاح, وذلك عبر جهاز خاص مدعوم بتشريع يحمي ويردع.
وفي السياق ذاته, يعارض الكاتب عبد الحكيم الطويل المطالبة بالشفافية قبل التحرير الكامل وبناء أجهزة الدولة، لكنه أكد للجزيرة نت أن من المنطقي إنشاء جهاز للرقابة والمحاسبة والشفافية.
وقال إنه إذا كان في العهد السابق نظام "رقابة شعبية", فمن باب أولى أن تكون هناك رقابة بعد الثورة التي كان من أولى شعاراتها محاربة الفساد.
"
محلل مالي ليبي يتساءل عما إذا كان التهلف على إبرام عقود بمليارات الدولارات قبل قيام حكومة منتخبة في ليبيا مؤشرا على عودة ما نعتها بلوبيات العقود والمقاولات الاحتكارية
"
تساؤلات عن التعاقدات
وفي المقابل, تساءل المصرفي المتخصص في مجال التمويل غسان عتيقة عن ما سماه تلهفا على إبرام عقود بمليارات الدولارات قبل قيام حكومة منتخبة, كما تساءل عن سلطة القانون.
وتساءل عتيقة في السياق ذاته عن ما إذا كانت هناك عودة إلى "لوبيات العقود والمقاولات الاحتكارية" التي أحرقت البلاد والعباد طيلة العقود الأربعة الماضية, وأوصلت ليبيا إلى مستويات عالمية غير مسبوقة في مؤشرات الفساد.
ورأى أن وجود مؤسسة غير حكومية تراقب وتنشر ما يحدث في لجان العروض والمناقصات خطوة أولى نحو هدف أكبر يكمن في اجتثاث جذور الفساد من الإدارة.
من جانبه, تساءل الناشط الحقوقي عاطف التليسي عن أسباب تأخر المجلس الانتقالي فى سن تشريعات, أو إنشاء صناديق لمحاربة الفساد، مؤكدا أن المواطن العادي يضع علامات استفهام كبيرة لهذا التأخير.
وتساءل أيضا في تصريح للجزيرة نت عن غياب آليات تنظم سير توزيع الأموال المجمدة، مضيفا أن أي تأخير يضع المجلس الانتقالي موضع اتهام من مراقبي الشأن العام. وشدد على حق المواطن الليبي في أن يسأل عن مواطن صرف الأموال المفرج عنها.
يذكر أن ليبيا احتلت في تقارير الشفافية الدولية للعام الماضي المرتبة 146 من أصل 178 دولة متأخرة أكثر من ثلاثين درجة مقارنة بالعام السابق