العالم المسلم ينتفض لأجل القدس .. جمعة القدس تشهد إقبالاً رائعاً
غزة – فلسطين الآن – وكالات - ما بين الدعاء لنصرة المسجد الأقصى، والدعوات لانتفاضة فلسطينية جديدة تردع الاحتلال، تركزت خطب اليوم الجمعة 2-10 -2009 والفعاليات التي شهدتها مختلف المدن والعواصم العربية والعالمية استجابة لدعوة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والكثير من المنظمات الإسلامية بجعل اليوم "جمعة غضب" من أجل نصرة المسجد الأقصى.
وتنوعت طرق الخطباء على المنابر والمشاركين في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية في دعم المسجد الأقصى، فمنهم من طالب الفلسطينيين بإنهاء حالة الانقسام التي شجعت الاحتلال على استباحة الأقصى، وآخرون ركزوا على توعية الفلسطينيين بالوسائل التي تتبعها إسرائيل لتهويد القدس، وهدم الأقصى لبناء هيكلهم المزعوم.
وفي لبنان حث المرجع الشيعي اللبناني، محمد حسين فضل الله، الشعوب الإسلامية والمرجعيات الدينية والسياسية في مختلف دول العالم على الخروج بخطوات عملية لدعم صمود الشعب الفلسطيني، منها تهيئة الأجواء لولادة انتفاضة فلسطينية جديدة تردع العدو عن إحكام قبضته على القضية الفلسطينية".
وحذر خلال خطبة الجمعة التي ألقاها من على منبر مسجد الإمامين الحسنين بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، من أن الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني تتواصل لـ"استكمال مشروع التهويد الكامل للقدس، وتهجير ما تبقى من الفلسطينيين، وضرب حق عودة اللاجئين، وتحريف الذهنية العربية والإسلامية عن القضية الفلسطينية، انتهاء إلى فرض أمر واقع يبين أن القدس والأقصى باتا شأنا صهيونياً".
ودعا المرجع الشيعي الأعلى في لبنان "الشعوب العربية والمرجعيات الدينية والسياسية لإيجاد الخطوات العملية لدعم صمود الشعب الفلسطيني الصامد ولتهيئة الأجواء لولادة انتفاضة فلسطينية جديدة".
بدوره طالب المفتي الجعفري في لبنان (الشيخ أحمد قبلان) خلال خطبة الجمعة العالم الإسلامي بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص بأن يلتزموا الوحدة، على أساس أنها "أفضل طريق للحفاظ على القدس والمسجد الأقصى.. ودعم صمود الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة".
مسيرة النصرة بغزة
وليس بعيداً عن القدس المحتلة، جاب عشرات آلاف الفلسطينيين شوارع مدينة غزة؛ نصرة للمسجد الأقصى المبارك، في مظاهرة اختلطت فيها حرقة الخوف على الأقصى مع بهجة الفرح بالإفراج 20 أسيرة فلسطينية من سجون الاحتلال الصهيوني.
وخرج الفلسطينيون بعد صلاة الجمعة من جميع مساجد مدينة غزة، وتجمعوا في ساحة الجندي المجهول وسط المدينة، مرددين الشعارات التي تدعو لنصرة الأقصى، وشارك في المسيرة رئيس الحكومة الفلسطينية الدكتور إسماعيل هنية، والأسيرة المحررة ضمن صفقة تحرير الأسيرات فاطمة الزق ورضيعها المولود في المعتقل، يوسف.
كما ركزت خطب الجمعة في مساجد مدينة غزة على الأخطار التي يتعرض لها الأقصى المبارك، منددة بالاقتحامات الصهيونية المتكررة له، ودعا الخطباء الزعماء العرب للاضطلاع بمسئولياتهم تجاه ما يتعرض له من حفريات وتهويد.
إنقاذ الأقصى
وفي مصر، حفلت خطب الجمعة في معظم المساجد بالدعاء لنصرة المسجد الأقصى المبارك، والحفاظ على القدس من تدنيس التهويد، واشتعلت مظاهرة عقب انتهاء الصلاة بالجامع الأزهر في القاهرة لنصرة الأقصى.
وفي تلك المظاهرة التي نظمها حزب العمل الإسلامي المجمد وبعض القوى الشعبية في صحن الجامع بالهتاف لنصرة القدس، مطالبين بسرعة التحرك الشعبي في مختلف دول العالم الإسلامي لإنقاذ الأقصى من مخطط التهويد والهدم، ونددوا كذلك بـ"الصمت العربي تجاه ما يحدث في فلسطين".
وخلال خطبة الجمعة في الجامع الأزهر، قال الشيخ صلاح نصار، إمام الجامع: إن "الدفاع عن المقدسات الإسلامية جزء من العقيدة، وأعقب ذلك بالدعاء لنصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان".
وبينما لم تتناول خطبة صلاة الجمعة بمسجد النور في العباسية بالقاهرة قضية القدس بشكل مباشر فإن الدكتور أحمد السمكري، خطيب المسجد، قال في تصريحات لـه": لقد تناولت قضية القدس بشكل غير مباشر من خلال الحديث عن التفاؤل في كل أمر من أمور الحياة.. ونحن بحاجة للتفاؤل في النصر لأنها يعطينا سعة أفق وصبر ومثابرة".
وفي أنحاء أخرى من القاهرة شهدت بعض الزوايا والمساجد الصغيرة دعاء قنوت من أجل تحرير القدس خلال أداء الصلاة، منها مسجد الجمعية الشرعية الذي دعا فيه إمامه: "اللهم طهر الأقصى من دنس اليهود المجرمين.. اللهم حرر الأقصى.. اللهم اغفر لنا تقصيرنا وارزقنا الشهادة في تحرير الأقصى.. اللهم انصر إخواننا في فلسطين".
التعريف بوسائل التهويد
وفي السعودية، ركز الدكتور عادل بن أحمد باناعمة خطيب الجمعة بمسجد الفاتح بجدة على توعية الأمة الإسلامية بالوسائل التي يتبعها الكيان في الخفاء والعلن لتسريع وتيرة مشروعها لتهويد القدس، ومنها طرد المقدسيين من بيوتهم، وتسريع مشاريع الاستيطان، وإحاطة مدينة القدس العتيقة بحدائق صهيونية تحجبها عن محيطها الفلسطيني.
وقال في هذا السياق: "بدأت (إسرائيل) منذ اليوم الأول هدفاً أسمى من الاستيلاء على مدينة القدس وهو تهويدها.. تمرر تحت غطاء مشاريع السلام.. خطوات عملية التهويد وسياساتها أبرز وسائلها التهجير والطرد لآلاف المقدسيين من بيوتهم.. والاستيطان، وكذلك الاتفاق مع جماعات المستوطنين على إحاطة القدس العتيقة بـ9 حدائق".
وأضاف: "الأنفاق والحفريات أيضا من طرق التهويد فهناك شبكة من الأنفاق تحت المسجد الأقصى والبيوت المجاورة له بهدف زلزلة أساساتها وانهيارها"، لافتا إلى أن المقدسيين يشكون من تشقق بيوتهم نتيجة للحفريات والأنفاق".
وتابع: ومن وسائل الصهاينة أيضاً التوسع في بناء الكنس اليهودية لمزاحمة مساجد القدس، وعلى رأسها الأقصى، وأيضا عبرنة القدس أي جعلها عبرية.. فهي تقود أكبر عملية تزوير للوجه التاريخي والإسلامي والعربي لهذه البلدة العتيقة، وتقدم آثارها وتاريخها للعالم على أنه يهودي محض، بما في ذلك أسوار القدس وأبوابها والمسجد الأقصى الذي تزعم أنه مبني مكان هيكل سليمان".
وختم الشيخ خطبته بالدعاء لنصرة القدس قائلا: "اللهم إنا نسألك أن تعصم الأقصى المبارك من عدوان المعتدين ومن تهويد المهودين.. وأن ترفع عنه البلاء.. وأن ترزق إخواننا المرابطين في القدس وفي غزة النصر والتأييد والتمكين".
60 وقفة بالمغرب
المغرب العربي لم يكن غائبا عن هذه الفعاليات، حيث نظمت جماعة العدل والإحسان بالمغرب نحو 60 وقفة احتجاجية في مختلف المدن وذلك عقب صلاة الجمعة، حيث احتشد الآلاف من المغاربة رافعين الشعارات واللافتات المنددة بالتهديد الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك.
وفي المسجد الكبير بمنطقة الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء تجمع المئات من أعضاء الجماعة وعموم المصلين مباشرة بعد الصلاة، ورفعوا شعارات من بينها: "أقصانا في العيون.. عهد الله لن نخون، لا إله إلا الله.. الأقصى بيت الله"، وغيرها من الشعارات والكلمات المعبرة عن دعمهم للأقصى وتحيتهم للمرابطين في ساحاته المدافعين عن أولى القبلتين وثالث الحرمين".
وبالتزامن، نظمت وقفات في كل من مناطق سيدي مؤمن، وسيدي عثمان، وعين الشق وغيرها بالدار البيضاء. وفي تصريحات لـه قال عبد الصمد فتحي منسق الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة التابعة لجماعة العدل والإحسان: "لا يمكن للمؤمن أن يقف مكتوف الأيدي إزاء ما يقع من تطاول صهيوني على الحرم القدسي.. هذه الفعاليات أقل ما ينبغي أن نقوم به نحن ومختلف الفئات الشعبية، في الوقت الذي تحافظ فيه الأنظمة الرسمية على صمتها وتواطئها المخزي".
أوروبا.. واجبات عملية
وانتقل الغضب من أجل الأقصى في الدول الإسلامية إلى صدور المسلمين في دول غير إسلامية ومنها أوكرانيا التي تفاعلت منابر المساجد بها مع الاقتحام الأخير الذي حاولت القيام به مجموعة من المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى الأحد 27 -9 -2009؛ فصدحت حناجر أئمة هذه المساجد والمصليات في العاصمة كييف بخطب بينوا فيها مكانة القدس بالنسبة للمسلمين، وكونها إرثا دينيا لا يجوز التنازل عنه بحال من الأحوال، وأرض باركها الله، وخصها بحادثة الإسراء والمعراج.
وتطرقت خطب الجمعة إلى الواجبات العملية الواجبة على كل مسلم ومسلمة إزاء القدس، كمعرفة تاريخها، وتعليمه للأبناء ليترسخ حبها في قلوبهم، وكذلك دعمها مادياً ومعنوياً من خلال الإنفاق على المشاريع الإسلامية فيها، وكفالة أسرها، والدعاء لها ولأبنائها بفرج ونصر قريبين يعيدان لها عزتها وكرامتها.
وفي هولندا، أوضح الشيخ الخمار البقالي، عضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، ورئيس جمعية الأئمة بهولندا، والتي يتبعها نحو 80 إماماً يعملون في مجالات الدعوة بهولندا في تصريحات له أنه: "تم توجيه نصائح للأئمة بالتحدث عن قضية المسجد الأقصى والقدس بالشكل الذي يتلاءم مع المكان والزمان".
أما بريطانيا، فقال الشيخ سالم الشيخي -خطيب ومستشار شرعي بمركز ديدزبري الإسلامي بمدينة مانشستر- إنه تم تخصيص الجزء الثاني من خطبة اليوم لتوجيه الدعوة إلى الجالية المسلمة في مانشستر لحضور محاضرة عامة بعنوان (المسلمون في الغرب.. وواجب نصرة الأقصى)، حيث سيعقبها لقاء تشاوري مع الجالية لبحث المشاريع العملية التي يمكن أن يقوم بها مسلمو إنجلترا لدعم القدس والمسجد الأقصى".
كذلك حرص مسلمو النرويج على تخصيص خطب الجمعة للحديث عن الأقصى، وفي تصريحات له قال إبراهيم الكيلاني الأمين العام للرابطة المسلمة: إنه "تم تخصيص خطبة اليوم بمسجد الرابطة في العاصمة أوسلو لإلقاء الضوء على قضية القدس والمسجد الأقصى، مؤكدا أنه تم التأكيد على البعد الديني والإنساني للقضية".
وأضاف: "لقد تم خلال الخطبة تقديم مجموعة من المقترحات العملية لنصرة الأقصى والتي من بينها كتابة المقالات لتوضيح القضية وأبعادها والتواصل مع السياسيين وتنظيم المسيرات والمؤتمرات الاحتجاجية".
وفي إيطاليا تناولت خطبة الدكتور علي أبو شويمة -رئيس المركز الإسلامي بميلانو، أقدم مساجد إيطاليا- القدس ودعا الأقلية المسلمة في مدينة ميلانو للمشاركة السبت 3 -10 -2009 في ندوة تعقد بالمركز الإسلامي وتخصص كلها عن تاريخ القدس والأقصى؛ والمخاطر والتهديدات الحالية التي يتعرض لها؛ ودور المسلمين إزاء ذلك"، ومشيرا إلى أنه في يوم السبت يكون الحضور من جانب الأقلية أكثر من الجمعة نظرا لأنه عطلة رسمية لهم.
أما في إسبانيا فقد دعا الشيخ علاء محمد سعيد، رئيس الاتحاد الإسلامي للأئمة والمرشدين في إسبانيا، الأئمة في جميع المساجد والمراكز لتخصيص خطبة الجمعة عن القدس ونصرة الأقصى.
وأوضح في تصريحات له أن "المركز الإسلامي في شمال غرب إسبانيا ركز في خطبة الجمعة على محورين؛ أولهما منزلة القدس والأقصى لدى المسلمين؛ والثاني دورنا نحوهما".
وتوالت دعوات عدد كبير من المنظمات والحركات الإسلامية الكبرى في العالم لتحويل اليوم الجمعة إلى يوم غضب واحتجاج عارم دفاعا عن مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى الشريف الذي تعرض مؤخرا لمحاولة اقتحام من قبل جماعات يهودية متطرفة بحراسة شرطة الاحتلال الصهيوني.
وفي بيان وصلت له طالب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الخطباء والدعاة والوعاظ بالتنبيه "على المخاطر التي تتعرض لها القدس في خطب الجمعة بدءا من جمعة يوم 2-10-2009 وطوال الجمع القادمة؛ حتى يتم التحرك الإسلامي والعربي الكافي لدحض الخطط الصهيونية الخبيثة".