ميعاد الشاهي

إن لِميعاد الشاهي قيمة تراثية لا يستهان بها متئصِّلة في موروثنا الشعبي الغني بالعديد من القيم الإجتماعية النبيلة والمفردات والمعاني الجميلة ، ولا تخلو مناسبة من تواجد عالة الشاهي حيث هي دائماً في مقدمة التحضيرات باعتبارها من أساسيات تلك المناسبة وغيرها من الأوقات نهاراً كانت أم مساءً حيث يلتئم الشمل في لمّة مميزة بجلسة خاصة لها طقوس معروفة في إعداد الشاهي ، وتجد على رأس المجلس الشيوخ الكبار بما يُحيط بهم من وقار وهيبة يتشاورون ويتعللون ويتوالفون متجاذبين أطراف الحديث حول هموم الحياة ومشاكلها ، ويتسامرون في ليالي الشتاء الرائعة حيث كانون النار ( المنقل ) مصدر الدفء المتسم بالحميمية والذي يستمدون منه متعة التحاور والجِدال مع تحريك وتقليب جمراته الملتهبة

ميعاد الشاهي D8a7d984d8b4d8a7d987d98a-300x225

ليعلو حينئيذٍ صوت ( غلَقْ ) ذلك البراد العتيق المطلي بالقيشاني الملون اللامع وهو يغلي ( يركرك ) ويشتكي من ضراوة وهج النار مقترناً ذلك بتصاعد البخار المشبع برائحة مميزة تدلل على نوعية الشاهي المستخدم وجودته وتُعلمنا أيضاً ببدء غليانه ، وبعد حينٍ من ( الطبخ ) تصبح العُصارة جاهزة للتخليط بعدما يضاف لها قليلاً من السكّر ، وعند التسخين يوضع بها بعضاً من عروق النعناع او الريحان ( الحبق ) او بعض الأعشاب المنكّهة كشوش الورد او القرفة وغيرها من المعطّرات العديدة التي تُضفي على الشاهى نكهة وعبق لا يضاهى تزيد من روعة طعمه وخاصةً حينما يخلط معه اللوز أو الكاكاوية ، مع تلك الرغوة ( الكشكوشة ) البيضاء التي تتوج الطاسة وكأنها عِمامة وتزيدها روعة على روعة لا نملك ألا أن نعبّر عنها بأنها طاسة شاهي مخدومة معدلة من حيث الغلي والتخليط الجيد مما يكسبها طعم لا يتذوقه ولا يستطعمه إلا من يعرف قيمة الشاهي في نوعه وكيفية إعداده لتكون النتيجة على الشكل المطلوب .

عندك الحق
مرات طويسة الشاهي مع الاصحاب تنفس عليك واجد
من الهموم