يحتل إقليم "فزان" مكانة هامة بالنسبة لتاريخ الهجرات الإفريقية ، فهو يقع على الطريق الأوسط (طريق التجارة) الذي كان الناس يعبرون من خلاله الصحراء الكبرى بين شمال إفريقيا وجنوبها .
ولا شك أن هذه الهجرات والحركات البشرية بين دول شمال إفريقيا ودول غرب إفريقيا كان لها أعظم الأثر في إحياء التجارة بمنطقة حوض بحيرة تشاد خصوصا وغرب القارة الإفريقية عموما ، وكان لها أثرا مباشرا وقويا وفعالا في ظهور حضارة إسلامية راقية قامت على أكتاف تلك العناصر المهاجرة.
ويمكن القول بأن تاريخ منطقة بحيرة تشاد والمناطق المحيطة بها بدأت تظهر للنور من جراء تلك الهجرات العربية التى جاءت بالإسلام والحضارة الإسلامية ، وأدت إلى قيام ممالك وإمارات إسلامية كان لها شأن عظيم في تسيير دفة الأمور في تلك المنطقة خلال العصور الوسطى .
وهذا ما ميز منطقة (حوض بحيرة تشاد) بموقعها الفريد الذي تلتقي فيه خطوط القوافل التجارية التى كانت تحملها الدواب أو يحملها الإنسان، وكان لذلك الإقليم دوره الخاص في ربط مختلف المناطق داخل القارة الإفريقية وخارجها عبر طرق القوافل المعروفة .
وقد حدثت هجرات القبائل العربية إلى تلك المنطقة في فترات متفاوتة ، وكانت المنطقة تستوعب الهجرات العربية حتى مطلع القرن العشرين وخاصة الليبيين ، فقد كانت هجرات الليبيين إلى المنطقة على ثلاث مراحل رئيسية حدثت جميعها بين منتصف القرن التاسع عشر والعقد الثالث من القرن العشرين .
الهجرة الأولى: حدثت في عام 1842م ومعظم المهاجرين كانوا من قبيلة أولاد سليمان .
الهجرة الثانية: حدثت في عام 1861م وشملت عدة قبائل منها قبيلة المغاربة .
والهجرة الثالثة: شملت قبائل عديدة منها قبائل رفلة وفزان وكانت هذه في الفترة من عام 1928-1930م.
أما قبائل بني هلال وسليم وجهينة فكان لها الفضل في نشر اللغة العربية في تلك المنطقة منذ بدايات القرن الثامن الميلادي فقد سلكت هذه الهجرات طريقها من منطقة وسط البحر الأحمر ووصلت إلى وسط القارة الإفريقية حول بحيرة تشاد ، وفي بعض الأحيان ً تكون هناك هجرات واسعة من الشمال الإفريقي عبر الطريق الشرقي من طرابلس وفزان إلى كوار ثم بلما ثم حوض البحيرة .
وكانت هجرة القبائل العربية إلى حوض بحيرة تشاد أكبر دليل على تواصل الجذور التاريخية للغة العربية في بلاد كانم برنو بل إن هذه الهجرات ارتبطت مع بلاد حوض بحيرة تشاد بروابط قوية واتصالات دائمة منذ قديم الزمان ولازالت .